Rechercher dans ce blog

jeudi 9 mai 2013

مواطنون من الدرجة الثانية

مواطنون من الدرجة الثانية
                                                                                                                                       بقلم: حسن ازوغ

         عندما يستفزني حب الإستطلاع المرضي و أتابع المشاكل الخاصة بل الحميمية لبعض المشاركين في برنامج "الخيط الأبيض"، دائما يقفز إلى ذهني السؤال البديهي: هل يقبل طاقم البرنامج عرض مشاكله الخاصة على العلن و بتلك الطريقة المعرية التي يختلط فيها فضح تفاصيل العلاقــــــــــــة "المقدسة" باتهامات الخيانة الزوجية و غيرها من الوقائع التي من المفروض أن يكون الله ثالث المطلعين عليها فقط، و في أسوأ الحالات حكمين من أهلهما و مختصين داخل أركان بيت أصم. وليس أمــام عدسات كاميرات تعرضها على العالم.. أظن أن الجواب واضح..
       إذن كيف يتعايش طاقم البرنامج مع هذه الإزدواجية الخطيرة؟ من جهة، محاولة تقديم العون لعائلات محطمة (أو على الأقل إدعــاء ذلك). و من جهة أخرى الزج بهم أمام الملأ كقرد " الحلقة" و فضح عوراتهم، إذ لا يؤمن المـــرء حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه.
      قد يكون الجواب الجاهز "ما ضربناهومش على يديهم". لكن للأسف كيف لأشخاص من المفروض أنهم يجمعون رجاحة العقل و غزارة المعرفة السوسيولوجية و النفسية و القانونية و الإســـلامية أن يقبلوا استغلال جهل و فقر بعض الأسر(اللذان تكفلا فعلا بضربهم على أيديهم)، و أحيانا قلة حيلــــة بعضهم الإدارية لاستخلاص أوراق رسمية لحل مشاكلهم؟ أليس من المضحك المبكي أن يتحـــــدث القانوني في كل حلقة عن الميثاق الغليظ و يفخمه بكلمات رنانة مستمدة من نصوصنا الإسلاميـــــة و تشريعاتنا و يخول لنفسه في الآن ذاته أن يكون أول المسيئين لهذا الميثاق الغليظ و يضرب عرض الحائط أهم التوجيهات المرتبطة بخصوصية و حميمية هذا الميثاق؟ و أليس قمة السريالية أن تخوض النفسانية في تحليل الأمراض النفسية للمشاركين-الضحايا ضاربة عرض الحائط ما تلقته في مهنتها من وجوب السرية بين الطبيب و مريضه؟ و طبعا سأكتفي بانتقاد أهل الإختصاص على أساس أن مقدمة البرنامج لا تتناقض على الأقل مع صفتها "التلفزيونية" و التي ترتكز في بلدنا الحبيب على أساسين لا أكثر: أولهما "لهلا يستر شي مسلم" و ثانيهما " ما يحبه المشاهدون" و في هذا الصدد فهي ناجحة بكل المقاييس.
        
       أليس حريا بطبيبتنا النفسية إن هي أرادت تقديم المساعدة النفسية مجانا أن تفتح عيادتها يوما في الأسبوع مثلا لاستقبال المرضى المعوزين؟ أو تأسيس جمعيات استشارية للأزواج تقدم من خلالها تلك النصائح في مقابلات سرية و احترافية تصون كرامتهم و آدميتهم قبل أن تقدم لهم الدعم النفسي؟ و نفس الشيء، لم لا يتشرف سيد القانون بتقديم استشارات قانونية مجانية و لو نصف يوم في الأسبوع لتقوية ذلك الميثاق الغليظ؟.
        أما إذا كنا نرى أن هؤلاء الضحايا هم مجرد فئران تجارب و مواطنون أقل آدمية من الطبيبة و المحامي و الصحفية، فلماذا نزعج أنفسنا أصلا بمعالجة قضاياهم الأسرية وفق مقاربات علمية هي في الأصل خاصة ب"الإنسان"؟؟؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire